ـ "هذه هي البوابة اخرجوا منها ولا تعودوا .ولا تسألونا الى اين تؤدي لاننا نحن ايضا لا نعرف، ولا نريد ان نعرف ..ووداعا ...".
سرنا باتجاه بوابة السرداب ,وحينما اقتربنا رأينا الادراج، وبدأنا ننزل الادراج ,وما أن كدنا نمر عن عدة درجات حتى اغلقت بوابة السرداب بطريقة سريعة وظهر امامنا ضوء بلون اخضر خافت...بدأنا نسير في السرداب ، وكنا نسير من نفق الى اخر، وكل نفق مرتبط مع الذي قبله، وكنا نميز انتهاء النفق وبدء النفق الذي يليه من خلال تغير لون الحجارة والاضاءة وطريقة التصميم واختفاء النفق الذي مررنا فيه حينما كنا نلتفت الى الخلف ...وقطعنا اكثر من خمسين نفقا الواحد يختلف عن الاخر اختلافا كليا من جميع النواحي وحتى الطول. فواحد لا يتجاوز العشرة امتار واخر الاف الامتار . ومن بعيد بدأ يظهر لنا نور في نهاية النفق ، وما ان وصلنا حتى تبين انه نور الشمس مع ان تقديرنا للوقت منذ ان انطلقنا وحتى وصلنا الى نور الشمس ,لا يدل على ان هذا موعد شروق الشمس .
خرجنا من النفق وكانت نهايته تؤدي الى كهف في وسط جبل..كهف عادي وطبيعي كالكهوف التي عرفناها في عالم البشر، وحينما تبينا مكاننا حيث نقف اذهلنا ما راينا ,فالكهف الذي ادى اليه النفق في قمة جبل يبلغ ارتفاعه الاف الامتار عن مستوى الارض، والشمس كانت في وسط السماء مما يدل على ان الوقت ما بعد الظهر، وليس الفجر، والغريب الذي لم اجد له تفسيرا اننا كنا نسير في انفاق مستوية ومستقيمة، فكيف وصلنا الى هذا الارتفاع ولم يكن في طريقنا أي انحدار او صعود . لم يكن يبدو على الجنية مرح اي استغراب او دهشة
وسالتها: ـ كيف حدث ذلك ؟؟؟
قالت : ـ "لا تتعجب هذا امر طبيعي جدا ولكني انا ايضا لا ادري كيف يحدث او كيف اشرحه ,فشرح هذا الموضوع يحتاج الى اشخاص تخصصوا في دراسة (الازمان ).". قلت لها : ـ "انا لا افهم واجابتك تحتاج الى اجابة .". ابتسمت وقالت : ـ مثلا لو ان احدهم سالك هل يمكن للبشر ان يصعدوا الى القمر، فستجيب انه امر طبيعي ...ولكنك لن تستطيع ان تشرح كيف يتم ذلك لانه ليس من اختصاصك .وما استطيع ان اشرحه او ما اعرفه بصورة عامة بانه هناك مساحات على الارض متصلة مع مساحات زمنية ,اي مساحات من عالمنا ومساحات من عالمكم..ويبدو ان الممرات التي عبرناها كان جزءاً منها من عالم البشر والاخر مساحات زمنية، وكلها متصلة مع بعضها، ولهذا لا يمكن ان نميز الانحدار من الصعود او الوقت الا اذا عرفت طول المسافة (الزمنية) لتقدر طولها مقارنة بالمساحة الارضية .ولو اني قلت لك الان بانه ربما، ولست متاكدة مما اقول ولكن اعتبره مجرد كلام.ان المساحة التي قطعناها وشعرنا انها اخذت منا من الوقت عدة ساعات لا اكثر ,قد تكون اخذت منا من الوقت ايام او اشهر كايام واشهر البشر . قلت لها : ـ "لم افهم أي شيء، اشرحي لي (شوي شوي حتى يدخل هالكلام مخي).".
قالت : ـ "انا نفسي لا افهم بعلم الازمان ولكنه بالنسبة لنا امر طبيعي. وحتى أستطيع ان اشرحه لك يجب ان أكون على اطلاع واسع في هذا الموضوع وكذلك انا (فالازمان موجوده)ولكني لست على اطلاع بعلومها ."
قلت لها : ـ "لقد فهمت اني لن افهم ، (انسي الموضوع )،والاهم من هذا اين نحن الان والى اين سنتجه...".
قالت : ـ اولا يجب ان ننزل من الجبل ومن ثم نسير طريقنا الى الامام وان كانت خطتهم تقضي بان نستمر في طريقنا فلا بد انهم اعدوا لنا من يرشدنا , او ان لم يكن فقد وصلنا نهايتنا، وفي كلتا الحالتين سنعرف بعد ان ننزل الجبل ماذا سيحدث .ولمعلوماتك، البيئة التي نحن فيها هي بيئة طبيعية لك كبيئة عالمك وعليه فسيحتاج جسدك الى طعام وشراب فلا ترهق نفسك كثيرا. ونزلنا من الجبل وما ان وصلنا حتى اصابني الارهاق والتعب والجوع والعطش، ومر على غروب الشمس عدة ساعات، سرنا طريقنا تاركين الجبل خلفنا، وبدأنا نمر من بين اشجار طبيعية كتلك الموجودة في عالمنا، وبعد وقت وصلنا الى ينبوع ماء سال من بين الصخور، اغتسلت وشربت واكلت من بعض ثمار الاشجار المحيطة بنا . قالت مرح : ـ "انه من الافضل لنا ان ننام ونمضي ليلتنا هنا، حتى شروق شمس الغد، ومن ثم نكمل طريقنا باتجاه المجهول الذي لا ادري اين سيوصلنا .".
نمت والتعب والارهاق انساني على ماذا نمت او كيف نمت ... ولم أستيقظ من شدة التعب إلا على أشعة الشمس وهي تسقط على وجهي ,فركت عيوني، وكانت مرح جالسة بجانب الينبوع تلعب كالطفلة بالماء، ربما استيقظت قبلي او انها لم "تنم من اصله !!!". وسرنا بين الجبال والسهول والوديان والاشجار وينابيع الماء التي لا تعد، وقد حولت الارض الى مروج خضراء ,تشرق الشمس وتغرب علينا، ويطل القمر ...ولم يمر علينا شيء يلفت الانظار، كل شيء عادي وكاني اسير في براري بلادي .مرت اربعة ايام ولم يتغير شيء، اصابني الملل وكذلك مرح التي حاولت ان تخفيه، فنحن بانتظار شيء جديد، رؤية شخص يرشدنا ويدلنا على الطريق، ولكن هذا لم يحصل .".
سالت مرح : ـ" الى اين نحن ذاهبون والى متى سنبقى على هذا الحال؟ ولماذا لا نرى احدا ولا يظهر لنا احد؟ هل اللعبة انتهت؟ واين نحن ؟
هل في عالم الجن ام في عالم الانس ".
قالت : ـ انا مثلك استغرب هذا الهدوء، وقد مللت الانتظار ،كان لا بد وان يظهر احد، ولا اعتقد ان اللعبة انتهت.اما اين نحن في عالمك ام عالمي ,ارى ان هذه البقعة هي جزء من عالم البشر في كل شيء، بطبيعتها ومياهها ومناخها، والغريب ان هذه البقعة قديمة، اي انها ان كانت جزءاً من عالم البشر فهي لا تعود لهذا الزمن، يجب ان ننتظر فهل هناك خيار اخر لدينا.". قلت لها : ـ لكن انت لديك الخيار ولديك المقدرة على التنقل السريع وقطع المسافات الطويلة دون جهد او عناء، فافعلي ذلك واكتشفي ماذا يوجد، والى اين سنصل، الست جنية وكنت تفعلين ذلك في السابق.
قالت : ـ نعم انا استطيع ان اقطع المسافات في وقت قصير ودون عناء، ولا حاجة لي لمجاراتك والسير معك بهذا البطء ,ولكن لقد ارتبطنا معا ومصيرنا واحد، واخشى ان فعلت ذلك لتوفير بعض الوقت ان افقد اثرك ولا استطيع ان اجدك ، لانه لا خبرة لي في هذه الاماكن، وما يحدث بها .وخوفي الاكبر ان فعلت ذلك ان امر باحدى الممرات الزمنية التي لا عودة منها الى نفس المكان، وعندها سافقدك، ولنفترض اني لا استطيع العودة من نفس الممر، فالوقت بالنسبة لي سيكون دقائق او لحظات، ولك سيكون اشهرا وسنوات، لذلك دع الامورتسير كما هي دون ان نتعجلها ولا تنسى اننا لا نتحكم بما يحدث . مرت ثلاثة ايام اخرى، حتى لمحنا من بعيد باننا نقترب من شواطئ بحر... مياهه اختلطت بزرقة السماء، لا نهاية ولا حدود لها، اقتربنا من الشاطئ وجلسنا ننظر الى البحر اللامتناهي، ومياهه الصافية التي لا يعكرها أي موج .
قلت لها : ـ "مرح" اعتقد انها النهاية الا اذا احببت ان تقطعي هذا البحر ان لم يكن محيطاٍ سباحة او نقوم بجمع الاخشاب وصناعة سفينة وبما انك تقولين باننا في جزء هو اقرب الى عالم البشر فربما اكتشفنا قارة جديدة واطلقنا عليها اسمينا !!!". ضحكت مرح وقالت : ـ يجب ان نجلس الان وننتظر (اذا مش عاجبك، اشرب مية البحر ).
سالتها : ـ "هل يوجد في عالم الجن بحار مثلما يوجد عندنا .". ـ اكيد يوجد في عالمنا بحار . ـ "اذا لماذا لا نكون الان في عالم الجن .". ـ" من الممكن ان يكون ذلك، ولكني لست متاكدة وهذه الاجواء اقرب الى عالمكم .". وقلت: ـ اذا كان ذلك ... "وقبل ان اكمل وفي اقل من رمشة عين، ظهرت على الشاطئ امامنا مباشرة لا تبعد عنا الا امتار سفينة زجاجية مثلثة الشكل ..وكانها موجة امتزج لونها بلون البحر .هل ظهرت من اعماق البحر، وهل كانت موجودة في الاساس ولم نرها لكونها زجاجية، ولونها لا يميز عن لون البحر ,ام انها ظهرت بفعل قوة سحرية، لا ادري كيف ولكني اراها تطفو فوق الماء رغم تناقض ذلك مع قوى الطبيعة، الا اذا كان ذلك النوع من الزجاج او ما اراه يشبه الزجاج مصنوع من مكونات الاخشاب .". السفينة صغيرة وهي اقرب الى قارب صغير لا يتسع الا لشخص او اثنين . قلت لمرح التي ما زالت تراقب تلك السفينة العجيبة ...وربما كانت تسال نفسها مثلي نفس الاسئلة او اسئلة مختلفة . ـ" الا ترين ان ظهور هذه السفينة معناه انه يجب ان نركبها لتنقلنا الى مكان ما؟فوجودها لم يكن بمحض الصدفة .هيا يا مرح لنركبها وسنرى اين ستقودنا .". قالت مرح : ـ "انها ليست سفينة يا حسن، واعتقد انها نهايتنا واللعبة قد انتهت ولا احد يركبها بمحض ارادته؟؟؟". قلت وقد اذهلني كلامها : ـ "ماذا تقصدين ؟". فقالت : ـ انها وسيلة نقل ضوئية والسفن على هذا الشكل مخصصة لنقل المحكوم عليهم الى سجن "قبة النور" ، فالحكم قد صدر ضدي، واعتقد ان رحلتي قد انتهت ؟؟".
قلت : ـ "وهل انا سأسجن ايضا في سجنكم هذا ؟"
قالت : ـ كلا فسجن "قبة النور" ليس للبشر، ولكن قد يكون مصيرك من مصيري ". ضحكت مرح ضحكة غيظ وقهر وقالت : ـ" لقد كان بامكانهم ان يبيدوني ، ولكنت انتهيت وتنتهي المشكلة معي...ولكنهم ارادوا لي ان ابقى في عذاب دائم واكون مثلا للجميع.انا مرح ساصبح سجينة في "قبة النور"، انهم جبناء لقد خافوا حتى من موتي لقد خافوا ان اموت حتى لا اصبح لغزا او قصة،، تتكرر من جديد، فلو (مت)لاصبحت جزءا غامضا من هذه البوابة اللعينة ولكنهم يريدون ان يحولوني الى مجرد سجينة، انهم جبناء لقد خافوا حتى من اللعبة التي يريدونها، لقد خافوا ان يفقدوا السيطرة على اللعبة، وان املك قراري من جديد.". "واخذت تصرخ باعلى صوتها ,وبكاؤها يحرك موج البحر، أو قسماً من القضاء ...". ـ" ايها الجبناء انا مرح، و الذي صنعته مرح لم تصنعوه انتم، وحتى "قبة النور" ساحولها الى قبة مرح، لن اهزم لن اهزم حتى في هزيمتي ساصنع النصر ايها الجبناء، لماذا لم تفعلوا هذا منذ البداية ...لماذا انتظرتم حتى الآن....". اخذت مرح تبكي والدموع تنهمر من عينيها، وما هي الا لحظات واخذ المثلث الزجاجي او السفينة الزجاجية او ما تسميها مرح النقالة الضوئية بالارتفاع عن سطح الماء، وانبعثت هالة ضوئية ضخمة من داخلها غطتنا وغطت جزءا كبيرا من المكان الذي نقف فيه ... وكيف حدث هذا او باي طريقة حدث لا ادري، الا اننا اصبحنا داخل تلك السفينة الغريبة، ويحيط بنا دخان كثيف، لا نستطيع او لا استطيع انا ان ارى من خلاله أي شيء ...مضى وقت قصير لا يزيد على دقائق معدودات، حتى وجدت اننا خارج تلك السفينة العجيبة، وجدت نفسي في صحراء قاحلة لا حدود لها والسفينة تقف خلفنا . قلت لمرح : ـ" هل هذه الصحراء هي "سجن قبة النور "، وقبل ان تجيب مرح خرج من السفينة العجيبة رجل واقترب منا واخذ يتكلم، علمت انه ذو شأن كبير، حيث ان مرح احنت راسها امامه تلقائيا ,اشارة للاحترام . قال موجها كلامة لنا الاثنين: ـ "هيا يا "كونته" يا ابنة "الكونتيين"، ويا حسن يا ابن البشر انتم الان في المحطة الاخيرة التي توصلكم الى "بوابة الشر"فلا يوجد بعدها مكان اخر تصلون اليه .هيا تفضلوا ابحثوا عن "القوة" التي قتلتم من اجلها، فقد حصلتم على الفرصة التي لم يحصل عليها احد ووفرنا عليكم الوقت، وقصرنا المسافات، فمئات السنين جعلناها لكم ساعات .ابحثوا عن حلمكم وحققوه ان كنتم فعلا تعرفون عما تبحثون، فمن يدري فربما لم يجد التاريخ اتفه منكم لتغيروه . فانتما معا تشكلان نموذجا متكاملا من عالمين، لاسوأ مستقبل للاجيال القادمة فكل منكما يكمل ما ينقص الاخر من ميزات سوء...دعونا نرى ان كان ما تبحثان عنه يستحق كل هذا، وقبل ان اترككم في محطتكما الاخيرة، اود ان الفت انتباهكما بانه لا يوجد ما نساعدكم به كما حدث في السابق، فانتما لوحدكما ، وما نستطيع ان نفعله لكم هو ان نمنحكم بعض الوقت لتجدا ما تسمياه "بقوة الشر ". وبعد ان ينتهي الوقت الممنوح لكم .انت يا "كونته" خاصة. ستجدين "الناقلة "في انتظارك لتقلك الى مصيرك، فقد صدر ضدك حكمان ,احدهما تعرفينه مسبقا، والاخر سنبقيه مفاجاة لك، وانت يا حسن كذلك فإن لك من المفاجات الكثير هيا اذهبا فلا يفصلكما عن مدينة الجحيم سوى خطوات ودارت آله الضوء واختفت كما ظهرت تاركة ايانا في صحراء لا نهاية لها... سالت مرح : ـ من يكون هذا ؟ فتاففت مرح من سؤالي وقالت: ـ "هو من الاشخاص اصحاب النفوذ في عالمنا ." قلت لها: ـ هو من " الكاتو" ام من الحكماء ؟" قالت : ـ انه من المستشارين ,وهم اعلى مرتبة ونفوذا من "الكاتو"، والحكماء...ودعنا من هذا الحديث الذي لن يفيدك في شيء . قلت لها : ـ الا تجدين ان هذه اللعبة سخيفة نوعا ما، فنحن نبحث عن "قوة الشر"ونبذل جهودنا بالرغم من علمنا اننا مسيرين لا مخيرين، فلا خيار لنا فكل طريق نسيرفيها قد رسموها لنا وساعدونا على الوصول اليها، اعلمي اني اشعر باننا لسنا الا فئران تجارب لهم، اطلقوها واخذوا يراقبون تصرفاتها، الا تشعري بذلك.وبالرغم من كل هذا فنحن نبحث عن شيء هم يجب ان يمنعونا من الوصول اليه، ولكن ما يحدث هو العكس، أخبريني، ماذا يعني هذا ...هل يوجد لهذا تفسير ، نحن لهم تجربة حيه والذي نبحث عنه ان كان له وجود اصلاً ، فلا يمكن ان نحصل عليه، فلما نستمر بهذه اللعبة الغبية.
قالت: ـ "كل ما تقوله صحيح .ولكن هل هناك خيار اخر امامنا سوى ان نمضي الى الامام .اعلم ومتاكدة مثلك باننا ومنذ اللحظة الاولى التي الغي قرار إبادتنا ..وسهلوا لنا الطريق وتركوا لنا الجزء الذي كانوا متاكدين من مقدرتنا على تجاوزه والجزء الصعب ازيل من امامنا من تلك اللحظة تحولنا لتجربه ما يتحكموا هم بها.هناك هدف ما يسعون اليه، انهم لا يضيعون وقتهم من اجل التسلية فعلينا ان نستمر حتى ولو كنا كما توصف فئران تجارب، فحتى فئران التجارب لديها فرصة للنجاه، فلنسعى خلفها حتى لو كانت ضئيلة .". فقلت لها :