. اخذ نور ينادي علي:
ـ "هيا حسن، لا مجال للتفكير ,لا مجال للتراجع، ان لم تفعل ستكون نهايتنا ,هيا يا حسن لا تابه لحياة القطط، اما ان نموت او تقتلها ,هيا يا حسن، اما دخول البوابة او انك ستبقى في هذا المكان حبيسا للابد، هيا يا حسن لا تدع مجالا للخوف، اسرع يا حسن، ان لم تفعل سنموت، لا خيار امامنا، اما حياتك او حياة القطط هيا يا حسن ...". لم اشعر بنفسي الا ويدي تمتد بسرعة الى الصندوق، وتخرج احد القطط، وبسكين حاد اقوم بذبحه لتسيل دماؤه بكل الاتجاهات بغزارة كبيرة لتمتلأ يداي وثيابي والارض بلون احمر...واخذت اصرخ وابكي واضحك بجنون واسير واخرج قطا اخر واذبحه بجنون واصرخ بصوت عال، وتسيل دماؤه واسير خلفها وخلفي نور، وتمتد يدي واخرج قطا اخر من الصندوق ولكني اسمعه يقول:
ـ "حبيبي حسن "..
وترتجف يداي ويسقط القط من يدي، ويظهر دخان كثيف وتظهر من وسطه مرح، وتخرج بقية القطط وتحيط بنور، ونور قد تسمر مكانه مرعوبا، وانا لا ادري ما حصل، ومرح تنظر الى نور والحقد والكره في عيونها، وتنظر الي باشمئزاز كبير، ودماء القطط التي ذبحتها قد غطاني من راسي الى اخمص قدمي، لم اتمالك نفسي وبدات اتقيا ولم استطع ان اقف على قدمي وسقطت على الارض اسبح بدماء القطط، وما زال نور متسمرا وعلامات الذهول على وجهه، والقطط المتبقية تحيط به من كل الاتجاهات...ومرت لحظات رعب وخوف رهيب وكأن الدنيا قد توقفت, فلا احد يتحرك من مكانه، حتى زال الصمت بضحكه هستيرية اطلقها الجني نور، واخذ يصرخ:
ـ "ايتها المجنونة، لقد هزمتني بجنونك ...". ويضحك بطريقة هستيرية ويردد نفس الجملة، ومرح تقف تنظر اليه بشموخ وكبرياء وقوة وغرور، لم تستطع ان تخفي فرحتها ولا ابتسامة النصر التي ارتسمت على شفاهها ...ونور ما زال يضحك، وانا غارق في دماء القطط، لا افهم ما يحدث حولي ولا اقوى على الحراك، وعيوني تتجول ما بين الجني نور والجنية مرح والقطط . وتوقف نور عن الضحك، واخذ يخاطب الجنية مرح قائلا:
ـ "كونته" حبيبتي المجنونة، لم اكن اتصور انك بهذا الجنون .".
قالت له مرح : ـ "اسمي مرح يا ... قال لها نور :
ـ "انت "كونته" وستبقين في نظري "كونته"، حتى لو استبدلت اسمك الف مرة، ولكني لم اتصور انك بهذا الذكاء والجنون . قالت مرح لنور :
ـ "وانا ايضا لم اتصور انك بهذا الغباء ... قال لها نور : ـ "نعم انا غبي لانه كان يجب ان لا انسى ان جنونك لا حدود له، وها هو جنونك قد انتصر علي، ولكني لا افهم كيف نجحت .". قالت مرح وهي تضحك :
ـ "انت لم تعد تملك شيئا ...، لقد خسرت كل شيء، ولكني سأمنحك عدة دقائق لارضي بها غروري، واشرح لك كيف استطعت ان اجعل نهايتك على يدي وكم انت كنت غبيا (يا استاذي)." اتذكر حين علمتني وانا صغيرة بان لاشيء يكون دون ثمن، واننا يجب ان نتوقع غير المتوقع دائما، ام نسيت انك كنت استاذي قبل ان تصبح متمردا .".
قال نور لمرح : ـ "لم انس اني كنت حبيبك، وانه كان يجب ان تكوني زوجتي، لم ولن انس اجمل الاوقات التي قضيناها معا." صرخت مرح بانفعال كبير وقالت لنور :
ـ انت حقير اناني لقد تخليت عني وتركتني وحيدة ...حكمت علي ان انزع قلبي من بين ضلوعي ,حكمت علي بسنوات من العذاب والالم، لقد رجوتك ان لا تذهب ...ولكنك ذهبت...بكيت من اجل ان تبقى معي، وانت لم ترحمني ولم تشفق علي ...تخليت عن كل شيء من اجل ان تحصل على القوة ...وانا خسرت حياتي كلها من اجل ان ابحث عنك من اجل الانتقام منك، وها قد حققت ما اريد...انت لا شيء...ولم تحصل على شيء ومصيرك فقط سيكون العذاب والى الابد .". قال نور : ـ "ما زلت تحبينني يا مرح وانا اعلم ذلك .".
ضحكت مرح وقالت لنور : ـ احبك؟ وانت من داس على قلبي .وانت من دمر حياتي؟ نعم، كنت احبك ,كنت اعشقك ,كنت كل شيء في حياتي، كنت استاذي فعلمتني كيف اضحك وكيف ابكي ,علمتني كيف احب .ولكن الست انت من علمني كيف نخلص لعالمنا وقواعده ونحترم قوانينه وان لا نتجاوزها ...وانت يا استاذي اول من تجاوزها وتمرد عليها من اجل القوة .
قال نور : ـ "كونته حبيبتي" انا لم اتخل عنك ابدا، لقد قلت لك سأعود من اجلك، ورجوتك ان تنتظري حتى اعود ,نعم، انا تجاوزت القوانين، نعم انا تمردت ولكن من اجل من ؟؟؟ اليس من اجلك يا (كونته)؟ لماذا نبقى مكتوفي الايدي حتى يدمر (البشر )عالمنا، حتى يتحكموا بمصيرنا بغبائهم ,لماذا لا نحكمهم نحن ,فنحن افضل منهم واقوى منهم ،وهم مجرد مخلوقات تافهة، انا لم افعل شيئاً من اجل نفسي، بل من اجلكم جميعا ...كونته حبيبتي: انت صغيرة ولا تدركي حقيقة الخطر الذي سيواجهنا من البشر". قالت مرح :
ـ انا اسمي مرح... مرح... وليس (كونته)الصغيرة التي عرفتها ولا تنسى اني اليوم (حارسة ابواب الشر ) التي اوقعت بك ,ايها الاستاذ، عفوا ..العالم كبير ,وفي الحقيقة انت لست اكثر من (متمرد )مطلوب القبض عليه .".
قال نور : ـ "كونته"يا صغيرتي ,يا حبيبتي، اعلم في أي المراكز انت، واعلم القوة والنفوذ التي تملكينها، ولا يدهشني كيف وصلت بهذه السرعة لتصبحي (حارسة ابواب الشر ),ولكن بغرورك وكبريائك وجنونك هل سترضين ان تصبحي (خادمة للبشر ). صرخت مرح ، انا لست "خادمة للبشر"، انا لست خادمة لاحد ولن اكون. قال نور وهو يبتسم :
ـ لا تكذبي يا (كونته),انت تعرفين الحقيقة، فهذه البوابة سيدخلها احد البشر، وان لم يكن اليوم فربما غدا، او بعد عام، او بعد الف عام، وانت تعرفين ذلك جيدا .حينها ستكوني خادمة، مجرد خادمة تلبي رغباته وطلباته ،ولماذا نذهب بعيدا ...انظري الى حسن الذي قتل اثنين من ابناء عالمك، وانظري الى هذا الغبي الملطخ بالدماء ,فان دخل هذه البوابة فستصبحين انت مجرد خادمة له ,ليامرك بان تذهبي او ان تحضري. انظري يا (كونته)، انظري يا مرح المجنونة انظري اليه ,انظري الى الدماء ,فلو لم يسعفك الحظ لكانت هذه الدماء دماؤك."........